-
العملات وقهقه "الدولار"
"أنا الملك".. "أنا الدولة"، "أنا الاقتصاد"، "أنا الأمريكي"، "أنا الرجل الأخضر"، فالعمّ "سام" لا بد وأن يرضى على الجميع لكي تربح تجارتك المكانة، تلك العُملة التي انطلق مُسماها بخطة "مارشال" "بريتون وودز" لترسيخ هيمنة الرأسمالية الأمريكية على دول أوروبا، بعد الحرب العالمية الثانية لأجل إعادة إعمار أوروبا التي طحنتها الحرب، بضخ الأمريكي أكثر من 12 مليار دولار لذلك، لا سيما ألمانيا المنكوبة آنداك.
لكن العالم تغير رافعاً شعار التمرد على سطوته كعملة عالمية وإنهاء مسيرة الدولار على النظام المالي العالمي، منذ أغسطس 1971، صدمة نيكسون، ومنها إلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار إلى الذهب، حيث لم تكن هناك تجارة عالمية إلا مع الولايات المتحدة، بل وتستثمر البنوك المركزية حول العالم نحو 60 % من احتياطيات النقد الأجنبي بالدولار، إضافة لاستخدام الدولار في تقويم أغلبية المعاملات المالية الدولية وتسويتها، وبالتالي رضخ العالم للأخضر وأصبح الدولار احتياطياً عالمياً، رغم حصوله في الأصل علـى ذلك العرش عبر معونات عالمية كبيرة قامت بها، مما يُتيح لأميركا لعب الدور الأكبر في إجمالي الناتج المحلي العالمي والتجارة، ويُغضب دول أخرى، بدأت من أول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة هجومه قائلاً "هم في الواقع يدفعون ما يدينون به لهذه البلدان، ولكنهم يدفعون بالدولار.. عملتهم التي يستطيعون طباعتها بالكم الذي يحلو لهم"، ثم انتقاد الرئيس الصيني السابق "هو جينتاو" 2011، ما يتمتع به الدولار داخل النظام النقدي العالمي، مشيراً إلى أنه "نتاج الماضي، ووصولاً بمناداة "بوتين" الروسي خلال اجتماع "بريكس"، لإيجاد عملة للاحتياطي الدولي على أساس سلة عملات الأعضاء الضعاف، لكن التوجهات السياسية لا تكفي لإقناع العالم والمستثمرين، فالروبل الروسي أنهكه الحصار والعقوبات والحرب الأوكرانية.
ولعل بقية أعضاء بريكس لا يعول عليهم بتزاحم الدولار، إلا اليوان الصيني، خامس أنشط العملات في العالم، لكنه يواجه تحدي عدم قدرة النظام السياسي ذي الحزب الواحد بالتحويل الحر لليوان إلى العملات الأخرى، وكذلك الهند التي استبدلت مؤخراً الدولار بـ 4 عملات أخرى (اليوان والدرهم الإماراتي، دولارات هونغ كونغ واليورو)، وبالتالي سنرى مستقبلاً تبادل الهند والصين، والأخيرة وروسيا مثلاً، عملاتهم بعيداً عن "العملات الوسيطة"، ولا سيما الدولار بتكلفة أقل، يتبعهم عدد من الدول الآسيوية وغيرهم للابتعاد عن فخ الدولار، الذي يفقد جاذبيته كمخزن للقيمة، في ظل وصول إجمالي الدين العام الأمريكي إلى 30.64 تريليون دولار.
إن استياء بقية العالم ما يزال مستمراً، لتحمله عواقب التضخم الذي سيلي كُل الإجراءات الأمريكية، لكن ما زال العالم بحاجة إلى الاستمرار في شراء الدولار من أجل التعامل التجاري فيما بينها. فهل سيلقى الدولار نفس مصير الإسترليني؟ إنها مسألة وقت فقط، فهناك عملات كثيرة ستصبح في مهب الريح تماماً، وتبدو الأمور غامضة في المستقبل نوعاً ما، فالتجربة جديدة على الجميع مع دخول العملات الرقمية المجال رغم مخاطرها.
ليفانت – إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!